الشيخ ابو سامر Admin
عدد المساهمات : 2652 تاريخ التسجيل : 24/11/2010 الموقع : www.morawhan.com
| موضوع: أسماء القرآن الثلاثاء فبراير 15, 2011 2:21 pm | |
| أسماء القرآن
القرآن اسم من أسماء هذا الكتاب العزيز، وهو منقول من المصدر، ودخول اللام فيه كدخولها في (الفضل)، ودخولها في الفضل كدخولها في (العباس). وإنما تدخل في العباس ونحوه لأنها بمنزلة الصفات الغالبة، نحو الصعق، كذا قال سيبويه والخليل، وكأنه أراد الذي يعبس، فلهذا المعنى دخلت اللام، ومن لم يرد هذا المعنى قال عباس وحارث. ويدل على صحة مذهبهما أنه لم يدخلوا اللام في: ثور وحجر ونحو ذلك مما نقل إلى العلمية وليس بصفة ولا مصدر، وإنما دخلت اللام فيما نقل عن المصدر، لأن المصدر يوصف به، فهو كالحارث، وأيضا فإنهم إذا قالوا الفضل؛ لحظوا فيها معنى الزيادة كما لحظوا المعنى المقدم ذكره في الصفة. والقرآن: معناه الجمع، من قولهم: قرأت الشيء أي جمعته، يدل على ذلك قوله عز وجل: {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أي فإذا جمعناه فاتبع جمعه. فإن قيل: فكيف يصح على ما ذكرت من أن معناه الجمع أن يقال: إن علينا جمعه وجمعه، وقد قال الله عز وجل: {إن علينا جمعه وقرآنه}؟. [1/23] قلت: قال أبو علي: الجمع أعم والقرآن أخص، فحسن التكرير لذلك، كما يجوز: أعلمت زيدا وأنذرته، لأن الإنذار أخص، لأن كل منذر معلم وليس كل معلم منذرا. كذلك قرأت وجمعت، قرأت أخص من جمعت. وإذا جاز استعمال المعنى الواحد بلفظين مختلفين نحو: أقوى وأقفر، فأن يجوز فيما تختص فيه إحدى الكلمتين بمعنى ليس للأخرى أولى. وعن ابن عباس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ألقى إليه جبريل عليهما السلام القرآن يعجل، لحرصه وخوفه أن ينساه، فيساوقه في قراءته، ويحرك شفتيه- وحرك ابن عباس شفتيه- فقيل له: {لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه}. ووزن قرآن (فعلان)، وحقه أن لا ينصرف للعلمية والزيادة. فأما قوله عز وجل: {ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل لعلهم يتذكرون* قرآنا عربيا غير ذي عوج} فقال أبو علي: {قرآنا} حال من {القرآن} في أول الآية. قال ولا يمتنع أن يتنكر ما جرى في كلامهم معرفة من نحو هذا. قال: من ثم أجاز الخليل في قولهم:
يا هند، هند بين خلب وكبد
[1/24] أن يكون المعنى: يا هند، أنت هند بين خلب وكبد، فجعله نكرة لوصفه له بالظرف. قال: ومثل ذلك قوله:
علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم ..................................
وأما قوله عز وجل: {وقرآنا فرقناه} فقال أبو علي: يجوز أن يكون مفعولا، والتقدير {وبالحق أنزلناه وبالحق نزل} وأنزلنا قرآنا. قال: ولا يجوز أن ينتصب على الحال، من أجل حرف العطف. قال: ألا ترى أنك لا تقول: جاءني زيد وراكبا. قال: ويجوز أن يعطف على ما يتصل به على حذف المضاف. أي: وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وذا قرآن. وكان ابن كثير لا يهمز {القرآن} ويقول: القرآن إنما هو اسم مثل التوراة والإنجيل، وجوز أن يكون من: قرنت الشيء بالشيء. قال أبو علي: وهذا سهو ممن ظنه، لأن لام الفعل من (قرأت) همزة، ومن (قرنت) نون، والنون في (قرآن) زائدة، وفي (قرنت) أصل، وهي لام الفعل، قال ونرى إن الإشكال وقع له من أجل تخفيف الهمزة من (قرآن) لما حذفت وألقيت حركتها، فصار لفظه كلفظه فعال من قرآن، وليس مثله. قال: ولو سميت رجلا بقران مخفف الهمزة لم تصرفه في المعرفة كما لا تصرف [1/25] (عثمان) اسم رجل، ولو سميته بقرآن من قرنت لانصرف. وهذا سهو من أبي علي، وما كان مثل هذا يذهب على ابن كثير، وإنما ذهب ابن كثير إلى أنه اسم من أسماء الكتاب العزيز، فيكون على قوله له اسمان: قرآن من قرأت، وقران من قرنت، وهذا واضح لا إشكال فيه. ومن أسمائه الفرقان. قال الله عز وجل: {تبارك الذي نزل الفرقان}. وهو منقول من المصدر، وهو من المصادر التي جاءت على فعلان، نحو: الغفران والكفران. وقال أبو عبيدة تقديره تقدير قولهم: رجل قنعان أي يرضى به الخصمان ويقنعان. فهو على هذا منقول من الصفة. وإلى هذا القول ذهب أبو علي، وإنما ذهب أبو علي في (القران) إلى أنه مصدر في الأصل، وفي (الفرقان) إلى ما ذكرناه، قال: لأن الدلالة قد قامت على أن القرآن لا يجوز أن يكون صفة، كما قامت على جواز كون الفرقان صفة، قال وذلك أن الله عز وجل قال: {إن علينا جمعه وقرآنه} فلو كان صفة لم تجز هذه الإضافة، لأن الصفة لا تضاف إلى الفاعل، لأن اسم الفاعل هو الفاعل في المعنى، والشيء لا يضاف إلى نفسه. قال: فلو كان القرآن صفة كما أن الفرقان صفة في قول أبي عبيدة؛ لم تجز فيه هذه الإضافة، فدل جوازها على أنه مصدر في الأصل، ولا يمتنع أن يضاف المصدر إلى الفاعل كما لا تمتنع إضافته إلى المفعول لأنه غير الفاعل، كما أنه غير المفعول. [1/26] وأجاب عن أنه لو كان صفة لجرى على موصوف، كما قيل: رجل قنعان، وأجرى صفة على موصوف فقال: لا يمتنع أن يكون صفة وإن لم يجر على الموصوف، لأن كثيرا من الصفات استعمل استعمال الأسماء. من ذلك: هذا عبد، ورأيت عبدا، وهو في الأصل صفة، ولا يكادون يقولون: رجل عبد، وكذلك صاحب، ولذلك لم تعمل أسماء الفاعلين نحو: ضارب وآكل، وحسن لهذا ترخيمه في نحو:
أصاح ترى بريقا هب وهنا
وإن لم يرخموا من هذا الضرب من الأسماء غيره قال: وكذلك: الأجرع والأبطح والأدهم، ولذلك كسروه: أجارع وأباطح وأبارق، ولو لم تستعمل استعمال الأسماء لما تعدوا فيه: فعلا وفعلانا، كأحمر وحمر وحمران، فإذا كثر في كلامهم هذا النحو من الصفات التي جرت مجرى الأسماء: في أنها لم تجر على الموصوف، وفي أنها كسرت تكسير الأسماء؛ لم يدل امتناعهم من إجراء {الفرقان} صفة على موصوفه على أنه ليس بصفة. قال: ويقوي كونه صفة مجيئه على وزن جاءت عليه الصفات، كعريان وخمصان. وقال أبو عبيدة في قوله عز وجل: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} وفي قوله تعالى: {وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان} الفرقان: ما فرق بين الحق والباطل، لأن المسلمين علت كلمتهم يوم بدر بالقهر والغلبة، كما نصروا في الفرقان بالحجة. وقيل: المعنى في قوله عز وجل: {وإذا آتينا موسى الكتاب والفرقان}: وآتيناكم الفرقان، كقوله: [1/27]
متقلدا سيفا ورمحا
وقوله تعالى: {ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان} يبطل هذا التأويل، ولكن يجوز في الآيتين جمعيا أن يريد بالفرقان: البرهان الذي فرق بين الحق والباطل، نحو: انقلاب العصا، وخروج اليد بيضاء من غير سوء، وغير ذلك من الآيات. أو الشرع الفارق بين الحلال والحرام. وقيل: الفرقان انفراق البحر. ورد أبو علي هذا القول، لأن الفرقان قد استعمل في هذه الآيات في معان لا في أعيان، ولأن مصدر (فرقت) قد جاء في القرآن {فرقا} ولم يجئ فرقانا. قال: وإن كان بعض أمثلة المصادر قد جاء على مثال (فعلان). قال أبو عبيدة: سمي فرقانا لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر. وعن ابن عباس: الفرقان المخرج. قال الله تعالى: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا} أي بيانا ومخرجا من الشبهة والضلال. وأنشدوا لمزرد:
بادر الليل أن يبيت فلما أظلم الليل لم يجد فرقانا
ومن أسمائه: الكتاب: سمي بذلك لأن الكتب الجمع، يقال: كتب إذا جمع الحروف بعضها إلى بعض، وتكتب بنو فلان أي اجتمعوا. فسمي بذلك لما اجتمع [1/28] فيه من المعاني كالأمر والنهي، والمحكم والمتشابه، والناسخ والمنسوخ. والحلال والحرام، ونبأ ما كان وما يكون، وما يحتاج إليه من أمر الدين، وتفصيل ما اختلف فيه من الأحكام. قال الله عز وجل: {ما فرطنا في الكتاب من شيء} وقال عز وجل: {ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون} ولذلك سمي قرآنا لأنه قد جمع فيه كل شيء. وقال أبو عبيدة: سمي قرآنا لأنه جمع السور وضمها، وكذلك تسميته بالكتاب أيضا. وقال أبو علي: الكتاب مصدر كتب، قال: ودليل ذلك انتصابه عما قبله في قوله عز وجل: {كتاب الله عليكم} وقوله: {وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا}. قال: فمذهب سيبويه في هذا النحو أنه لما قال: {حرمت عليكم أمهاتكم} دل هذا الكلام على: كتب عليكم. وكذلك قوله عز وجل: {وما كان لنفس أن تموت} دل على: كتب الله موته ومدة حياته، فانتصب بكتب الذي دل عليه الفعل المظهر. قال: ومذهب غيره من أصحابه، أنه انتصب بالفعل الظاهر. وكيف كان الأمر فقد ثبت من ذلك أن الكتاب مصدر، كالوعد والصنع من قوله عز وجل: {وعد الله} و{صنع الله} في انتصابهما بما ذكر قبلهما من قوله عز وجل: [1/29] وهي تمر مر السحاب} وقوله عز وجل: {وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين} ثم قال بعد ذلك {وعد الله}. قال: وسمي به التنزيل بدلالة قوله عز وجل: {الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب} ثم قال: والمراد بالمصدر الذي هو الكتاب: المكتوب، كما يقال: الخلق ويراد به المخلوق لا الحدث، تقول جاءني الخلق، وكلمت الخلق، والدرهم ضرب الأمير، والثوب نسج اليمن، أي مضروبه ومنسوج اليمن. وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الراجع في هبته)) أي موهوبه. قال: فما تأولناه في قولنا في (الكتاب) المسمى به التنزيل أنه يراد به المكتوب؛ أرجح عندي من قول من قال: إنه سمي بذلك، لما فرض فيه وأوجب العمل به، قال: ألا ترى أن جميع التنزيل مكتوب، وليس كله مفروضا. قال: وإذا كان كذلك؛ كان العامل الشامل لجميع المسمى أولى مما كان بخلاف هذا الوصف. وهذا الذي رجحه أبو علي ليس براجح، لأن قولهم: هذا الدرهم ضرب الأمير، قد علم المراد منه، وأن الضرب الذي هو العرض الذي قد انقضى وذهب – لا يصح أن يكون موجودا ومشارا إليه، فتعين أن المراد بالضرب المضروب، وليس كذلك (الكتاب)، لأنه اسم منقول من المصدر كفضل. وإنما سمي القرآن به، لأن معنى: كتب الشيء: جمعه، وضم بعضه إلى بعض، وكذلك القرآن. [1/30] وقول من قال: إنما سمي كتابا لأنه يقال: كتب الله كذا بمعنى أوجبه وفرضه، كقوله عز وجل: {ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم} فسمي القرآن كتابا لما فيه من الواجبات التي كتبها- أرجح من قول أبي علي، لأن الشيء يسمى ببعض ما فيه، ثم إن قول أبي علي يوهم أن ليس إلا هذا القول وقوله. وأوضح من القولين وأصح قول من قال: هو منقول من المصدر الذي هو بمعنى الجمع والضم. ومن أسمائه الذكر. قال الله عز وجل: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وهو منقول من المصدر، والذكر الموعظة، والذكر الشرف. ومن أسمائه الوحي. قال المؤمنون كلهم: القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله، وقال الله عز وجل: {قل إنما أنذركم بالوحي} وهو من قولهم: وحي يحي وحيا. قال الشاعر:
وحى لها القرار فاستقرت
ويقال: أوحى يوحي إيحاء، ومعناه الإفهام بإيماء أو إشارة. وقال بعض العلماء: الوحي قذف في القلوب، فكأنه سمي وحيا لأن الملك كان يفهمه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يفهم عنه سواه، كما سموا ضرب الأمثال وحيا من جهة اللفظ، وذلك أن [1/31] يضرب الرجل لصاحبه مثلا، فيعرف به أمرا بينهما ولا يفهمه سواه، وكل من أشار إلى معنى من غير إفصاح فبلغ بذلك المراد فقد أوحى. ومن أسمائه التنزيل. يقال: جاء في التنزيل كذا، كما يقال جاء في القرآن، وهو منقول من المصدر. يقال: نزل تنزيلا، قال الله عز وجل: {الله أنزل أحسن الحديث}. ومن أسمائه القصص. قال الله تعالى: {إن هذا لهو القصص الحق} والقصص في العربية اتباع الأثر. قال الله عز وجل {فارتدا على آثارهما قصصا} قال الله عز وجل: {قل إنما اتبع ما يوحى إلي من ربي} والقرآن قصصه الذي قصه، أي اتبعه وألقاه إلى غيره، كما قفاه واتبع فيه أثر الملك. ومن أسمائه الروح. قال الله عز وجل: {وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا} سمي روحا لأنه يحيي به القلوب والدين، قال الله عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}. ومن أسمائه المثاني. قال الله عز وجل: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني}. سمي مثاني لأن القصص والأنباء ثنيت فيه أي كررت، يقال ثنيت الشيء إذا كررته. [1/32] وسماه الله عز وجل: الهدى، والبيان، والتبيان، والموعظة، والرحمة، والبشير، والنذير. والعزيز: الذي لا يرام، فلا يؤتى بمثله ولا يستطاع إبطاله. والحكيم: وهو إما بمعنى المحكم بفتح الكاف، أو المحكم بكسرها، من قولهم حكمة الدابة لأنها تردها عن الجور، لأنه يرد العباد إلى القصد. والمهيمن، وهو الشاهد، والبلاغ: قيل لأنه يكفي من غيره. والشفاء، والمجيد: لشرفه على كل كلام. والنور، قال الله عز وجل: {قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين}. | |
|